عبده مشرف
تاريخ التسجيل : 23/04/2009
| موضوع: الامام والعالم الرباني ( عبدالله بن المبارك) الإثنين أغسطس 31, 2009 1:16 am | |
| هو من العلماء و الأئمة المجتهدين و المجاهدين من لهم الفضل ، بعد الله ، في إعلاء كلمة الحق باجتهادهم في شتى العلوم الدينية ( و الدنيوية ) وإن المجتمعات اليوم بحاجة ماسة إلى أن ننشر فيها سيرهم حتى نسهم في ابتعاث ماضيهم الزاهر الزاخر، ليصل حاضر الأمة بماضيها ، وليطلع عليها الشباب المثقف ، ليرى من خلال تلك السير عظمة هؤلاء الرجال الذين بنو مجد الإسلام ، وبالتالي يدرك سر انتشار الإسلام وسر انكماشه على أيدي من بعدهم و يدرك صدق القائل : ( يا له من دين لو أن له رجال !! )
من هو :
هو ابن واضح الإمام شيخ الإسلام، عالم زمانه ، وأمير الأتقياء في وقته أبو عبد الرحمن الحنظلي ، مولاهم التركي ، ثم المروزي ، الحافظ ، الغازي ، أحد الأعلام ، وكانت أمه خوارزمية
يحكى عن مبارك أبي عبد الله أنه كان يعمل في بستان لمولاه ، و أن مولاه جاءه يوما و قال له : أريد رماناً حلواً ،فمضى إلى بعض الشجر و أحضر منها رماناً ، فكسره ( صاحب البستان ) فوجده حامضا فحرد عليه و قال : أطلب الحلو و تحضر لي الحامض ؟ هات حلواً ..!! فمضى و قطع من شجرة أخرى فلما كسره وجده أيضا حامضاً ، فاشتد حرده عليه ، وفعل ذلك ثالثة فذاقه فوجده أيضاً حامضاً ، فقال له بعد ذلك : أنت ما تعرف الحلو من الحامض ؟ قال : لا .. فقال : و كيف ذلك ؟ فقال : لأني ما أكلت منه شيئاً حتى أعرفه ... فقال : ولم لم تأكل ؟ فقال : لأنك لم تأذن لي بالأكل منه ! فعجب من ذلك صاحب البستان ، و عظم أبو عبد الله مبارك في عين سيده ، و زاد قدره عنده وكان لصاحب البستان بنت خطبت كثيراً ، فقال لمبارك : يا مبارك ، من ترى تزوج هذه البنت ؟ فقال : أهل الجاهلية كانوا يزوجون للحسب ، و اليهود للمال ، و النصارى للجمال ، وهذه الأمة للدين. فأعجبه عقله فذهب فأخبر بها أمها و قال لها : ما أرى لهذه البنت زوجاً غير مبارك ! فتزوجها فجاءت بعبد الله بن المبارك ، فتمت عليه نعمة بركة أبية وأنبته الله نباتاً صالحاً و رباه على عينه ..
مولده في سنة ثمان عشرة ومئة .
قال نعيم بن حماد : كان ابن المبارك يُكثر الجلوس في بيته ، فقيل له : ألا تستوحش ؟ فقال : كيف استوحش و أنا مع النبي صلى الله عليه وسلم و أصحابه ؟.
قال أشعث بن شعبة المصِّيصي : قدم الرشيد الرقة ، فانجفل الناس خلفَ ابن المبارك ، وتقطعت النعال و ارتفعت الغبرة ، فأشرفت أم ولد لأمير المؤمنين من برج من قصر الخشب ، فقالت : ماهذا ؟ قالوا : عالم من أهل خراسان قدم ، قالت : هذا والله المُلكُ ، لا ملكُ هارون الذي لا يجمع الناس إلا بشُرط و أعوان.
قال محمد بن علي بن الحسن بن شقيق : سمعت أبي قال : كان ابن المبارك إذا كان وقت الحج اجتمع إليه إخوانه من أهل مرو ، وفيقولون : نصحبك ، فيقول : هاتوا نفقاتكم ، فيأخذ نفقاتهم فيجعلها في صندوق ويُقفل عليها ، ثم يكتري له ويخرجهم من مرو إلى بغداد ، فلا يزال يُنفق عليهم ويطعمهم أطيب الطعام و أطيب الحلوى ، ثم يخرجهم من بغداد بأحسن زي و أكمل مُروءة ، حتى يصلوا إلى مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم، فيقول لكل واحد : ما أمرك عيالك أن تشتري لهم من المدينة من طُرفها ؟ فيقول : كذا وكذا فيشتري لهم ، ثم يخرجهم إلى مكة فإذا قضوا حجهم قال لكل واحد منهم : ما أمرك عيالُك أن تشتري لهم من متاع مكة ؟ فيقول : كذا وكذا ، فيشتري لهم ، ثم يُخرجهم من مكة، فلا يزال يُنفق عليهم إلى أن يصيروا إلى مرو ، فيجصص بيوتهم و أبوابهم ، فإذا كان بعد ثلاثة أيام عمل لهم وليمة و كساهم، فإذا أكلوا وسرّوا دعا بالصندوق ، ففتحه ودفع إلى كل رجل منهم صُرته عليها اسمه .
قال سفيان الثوري : إني لأشتهي من عمري كله أن أكون سنة مثل ابن المبارك ، فما أقدر أن أكون ولا ثلاثة أيام .
قال ابن عُيينة : نظرت في أمر الصحابة ، و أمر عبدالله ، فما رأيت لهم عليه فضلاً إلا بصحبتهم النبي صلى الله عليه وسلم ، وغزوهم معه.
قال القاسم بن محمد بن عباد : سمعت سُويد بن سعيد يقول : رأيت ابن المبارك بمكة أتى زمزم فاستقى شربة ، ثم استقبل القبلة ، فقال : اللهم إن ابن أبي الموال حدثنا عن محمد بن المُنكدر عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( ماء زمزم لما شُرب له )) وهذا أشربه لعطش القيامة ، ثم شربه .
قال نعيم بن حماد : كان ابن المبارك إذا قرأ كتاب الرقاق يصير كأنه ثور منحور أو بقرة منحورة من البكاء، لا يجترئ أحد منا أن يسأله عن شيء إلا دفعه .
قال أبو حاتم الرازي : حدثنا عبدة بن سليمان المروزي قال : كنا سرية مع ابن المبارك في بلاد الروم ، فصادفنا العدو ، فلما التقى الصفان ، خرج رجل من العدو فدعا إلى البراز ، فخرج إليه رجل فقتله ، ثم آخر فقتله ، ثم دعا إلى البراز ، فخرج إليه رجل ، فطارده ساعة فطعنه فقتله فازدحم إليه الناس ، فنظرت فإذا هو عبد الله بن المبارك و إذا هو يكتم وجهه بكمه ، فأخذت بطرف كمه فمددته فإذا هو هو . فقال : و أنت يا أبا عمرو ممن يُشنع علينا .
وقال أبو حسان عيسى بن عبد الله البصري : سمعت الحسن بن عرفة يقول : قال لي ابن المبارك : استعرت قلماً بأرض الشام ، فذهبت على أن أرده فلما قدمت مرو نظرت فإذا هو معي ، فرجعت إلى الشام حتى رددته على صاحبه .
قال أسود بن سالم : كان ابن المبارك إماماً يُقتدى به ، كان من أثبت الناس في السنة،إذا رأيت رجلاً يغمز ابن المبارك فاتهمه على الإسلام .
اجتمع جماعة فقالوا : تعالوا نعد خصال ابن المبارك من أبواب الخير ، فقالوا : العلم ، والفقه ، والأدب ، والنحو ، و اللغة ، و الزهد ، و الفصاحة ، و الشعر ، و قيام الليل ، و العبادة ، و الحج ، و الغزو ، و الشجاعة ، و الفروسية ، و القوة ، و ترك الكلام فيما لا يعنيه ، والإنصاف ، وقلة الخلاف على أصحابه .
قال حبيب الجلاب : سألت ابن المبارك ، ماخير ما أعطي الإنسان ؟ قال : غريزة عقل ، قلت : فإن لم يكن ؟قال : حسن أدب ، قلت : فإن لم يكن؟ قال : أخٌ شفيق يستشيره، قلت : فإن لم يكن ؟ قال : صمت طويل ، قلت : فإن لم يكن ؟ قال : موت عاجل .
و سئل رحمه الله عن قول لقمان لابنه : ( إن كان الكلام من فضة فإن الصمت ذهب) ، فقال : معناه لو كان الكلام بطاعة الله من فضة ، فإن الصمت عن معصية الله من ذهب !!
عن عبد الله قال :إذا غلبت محاسن الرجل على مساوئة لم تذكر المساوئ ، و إذا غلبت المساوئ على المحاسن لم تذكر المحاسن .
قيل لابن المبارك : إذا أنت صليت لم لا تجلس معنا ؟ قال : أجلس مع الصحابة و التابعين ، أنظر في كتبهم و آثارهم فما أصنع معكم ؟ أنتم تغتابون الناس .
وجاء أن ابن المبارك سُئل : من الناس ؟ فقال : العلماء ، قيل : فمن الملوك ؟ قال : الزهاد، قيل : فمن الغوغاء ؟ قال : خزيمة وأصحابة ( يعني من أمراء الظلمة )، قيل : فمن السفلة ؟ قال : الذين يعيشون بدينهم .
وعنه قال : إن البصراء لا يأمنون من أربع : ذنب قد مضى لا يدري ما يصنع فيه الرب عز و جل ، وعمر قد بقي لا يُدرى مافيه من الهلكة ، وفضل قد أُعطي العبد لعله مكر واستدراج ، وضلالة قد زينت يراها هدىً ، وزيغ قلب ساعة فقد يسلب المرء دينه ولا يشعر .
عن ابن المبارك قال : من استخف بالعلماء ذهبت آخرته ، ومن استخف بالأمراء ذهبت دنياه ، ومن استخف بالإخوان ذهبت مروءته .
وكان يقول : الدنيا سجن المؤمن ، و أعظم أعماله في السجن الصبر و كظم الغيظ ، وليس للمؤمن في الدنيا دولة ، وإنما دولته في الآخرة !
وقال ايضا : ليس من الدنيا إلا قوت اليوم فقط
عن محمد بن إبراهيم بن أبي سُكينة ، قال : أملى علي ابن المبارك سنة سبع وسبعين ومئة ، وأنفذها معي إلى الفضيل بن عياض من طرسوس :
ياعابد الحرمين لو أبصرتنا ****** لعلمت أنك في العبادة تلعب
من كان يخضب جيده بدموعه ****** فنحورنا بدمائنا تتخـضب
أو كان يُتعب خيله في باطلٍ ****** فخيولنا يوم الصبيحة تتعب
ريحُ العبير لكم ونحن عبيرنا ****** رهج السنابك والغبار الأطيب
ولقد أتانا من مقال نبينا ****** قول صحـيح صادق لا يكذب
لا يستوي وغبار خيل الله في ****** أنف امرئ ودخان نار تلهـب
هذا كتابُ الله ينطق بيننا ****** ليس الشهـيد بميت لا يُكذبُ
فلقيت الفُضيل بكتابة في الحرم فقرأ و بكى ثم قال : صدق أبوعبد الرحمن ونصح .
وجاء من طرق عن ابن المبارك ، ويُقال : بل هي لحميد النحوي :
اغتنم ركعتين زُلفى إلى اللـه ****** إذا كـنت فارغاً مُستريحاً
وإذا ما هممت بالنطق بالباطل ****** فاجعل مكـانه تسبيـحاً
فاغتنم السكوت أفضل من خوض ****** وإن كنت بالكلام فصيحاً
وقال إسماعيل بن إبراهم المصيصي : رأيت الحارث بن عطية في النوم ، فسألته ، فقال : غفر لي ، قلت :فابن المبارك ، قال : بخ بخ ذاك في علِّيين ممن يلج على الله كل يوم مرتين .
مات سنة إحدى وثمانين ومئة .
عن يحيى الليثي قال : كنا عند مالك ، فاستؤذن لعبد الله بن المبارك بالدخول فأذن له ، فرأينا مالكاً تزحزح له في مجلسه ، ثم أقعده بلصقه ، وما رأيت مالكاً تزحزح لأحد في مجلسه غيره ، فكان القارئ يقرأ على مالك ، فربما مر بشيء فيسأله مالك : ما مذهبكم في هذا ؟ أو ما عندكم في هذا ؟فرأيت ابن المبارك يُجاوبه ، ثم قام فخرج فأعجب مالك بأدبه ، ثم قال لنا مالك : هذا ابن المبارك فقيه خراسان .
وسئل ابن المبارك بحضور سفيان بن عيينة عن مسألة فقال : إنا نهينا أن نتكلم عند أكابرنا .
[b] | |
|
صفصف مشرف
تاريخ التسجيل : 20/04/2009
| موضوع: رد: الامام والعالم الرباني ( عبدالله بن المبارك) الإثنين أغسطس 31, 2009 9:03 am | |
| مشكور الله ينفعنا بعلومهم في الدارين ......امين | |
|