بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي من علينا بعد نعمة الايجاد بنعمة الإنتساب الى اشرف العباد والشافع لنا يوم الحشر والتناد سيدنا وحبيبنا وشفيعنا محمد صلى الله عليه وآله الكرام الأمجاد .
هذه ترجمة يسيرة عن احد السادة الأعلام وهو الإمام احمد بن عيسى الملقب بالمهاجر..
وقد لقب بالمهاجر لهجرته من البصرة بالعراق الى حضرموت وكان ذلك بسب الفتن ومحاولة القضاء على آل البيت عليهم السلام ..
وقبل الخوض والإبحار والتعريف بهذا الإمام العظيم فمن الواجب ان نذكر نسب جدنا علي بن علي البار المتصل الى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مروراً بجدنا الإمام احمد بن عيسى . الملقب بالمهاجر
وهو علي (أول من سمي بالبار ) بن علي بن علوي بن أحمد بن محمد بن عبدالله بن علوي بن الشيخ أحمد بن الاستاذ الاعظم الفقيه المقدم محمد بن علي بن محمد بن علي بن علوي بن محمد بن علوي بن عبيد الله بن ((أحمد المهاجر)) بن عيسى بن محمد بن علي العريضي بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن الإمام علي بن أبي طالب و ابن فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
نســبه الشريف:
هو الامام احمد ابن النقيب عيسى ابن محمد ابن على العريضى ابن جعفر الصادق ابن محمد الباقر ابن على زين العابدين ابن الحسين السبط ابن الامام على بن ابى طالب سلام الله عليهم اجمعين
مولــده :
ذكر الشيخ العلامه محمد سالم البيجانى ان المهاجر ولد عام 260 هـ
نشـــاته : نشأ الامام المهاجر في البيئة الساميه لآل البيت النبوى وهى بيئة تتسم بالعلم والعمل والصلاح وسمو الاخلاق والرياده والهمم العاليه ، وكيف لاتكون كذلك ومصدرها المنهج النبوى علما وسلوكا ، ويحفظ لنا التاريخ عبر تدرجاته افذاذا وقمما من الدوحه المباركه بشقيها الحسنى والحسينى انجبتهم هذه المدرسه قادوا مسيرة الامه ، والتفت حولهم القلوب ، ووقفوا ضد الباطل ودفعوا حياتهم ثمنا للمبادئ والمثل العليا الاسلاميه وإعلاء كلمة الله مما ليس هنا تفصيله . ومن هذه البيئه الزاخره بالعلم والفضل والنبل نهل إمامنا، فنشأ بين أبائه واعمامه من ائمه ونقباء وعلماء ودرس العلوم الاسلامية من حديث وتفسير وفقه وادب وتاريخ إلى العلوم العقليه ، وتثقف بثقافة ذلك العصر، وقد اجمع المؤرخون القدماء والمعاصرون على صلاحه وتقواه
زهـــده:
وكان مع هذه الفضائل من اجل الزهاد صحيح العقيدة ذا سيرة حميده، وكان له في الوعظ لسان فصيح ، ولما استولى اخوه الامام محمد بن عيسى على اقاليم العراق اتى اليه ووعظه ، ولم يزل به كذلك حت ترك ذلك ، وزهد فيما هنالك ، ورغب في الدار الاخرة تبعا لسلفه ، ولقد كان للامام احمد بن عيسى بالعراق جاه كبير ومال خطير ، وكانت تلك الاحوال لم تخطر له على بال ، بل كان مشتغلا بالعباده والدين وارشاد الغاويين .
عصــر الامام :
نحن الان في اواخر القرن الثالث الهجرى وماتلاه لنلقى نظرة عامه على المسرح السياسى والاجتماعى المضطرب في عصر الامام في كل من العراق وحضرموت لكى نستطيع ان نتفهم المقدره الفذه لهذه الشخصيه العظيمه في تحليل واستشراف الامور من ناحيه وصدق التوجه لخدمة دين الله ودعوة جده المصطفى قولا وعملا . فاما العراق : فقد كان حاضرة الخلافه العباسية ومركز الثقل في العالم الاسلامى ، امتدت فيه الخلافه العباسيه خمسة قرون إلى ان سقطت على يد جنكيز خان سنة 656 هـ . وابان عصر الامام كانت الخلافه تمر فيما يطلق عليه المؤرخون العصر العباسى الثانى ،الذى عرف بعصر النفوذ التركى والذى امتد من سنة 232هـ وحتى 334 هـ ، وكان العراق فيه مضطربا ، والبصرة موطن الامام مهدده بغارات القرامطه اصحاب ابى طاهر الجنابى وغيرهم واستبد بها اصحاب القوه من الامراء والمماليك حتى بلغ الامر بالناس إلى ان يقيم كل على نفسه حارسا اوخفيرا ، وبلغ الضعف بالخليفه وعماله حد العجز عن ضبط الامور ، فانتشرت الفوضى وضرب الفساد اطنابه في العراق واما جضرموت : فبحكم بعدها عن مركز الخلافه فقد اصبحت مكانا ملائما للثورات من الخوارج وردود الفعل المضاده من قبل الخلفاء والامراء ، ولم يعرف اهلها الاستقرار منذ فتنة طالب الحق عبدالله بن يحى الكندى الاباضى ، وقل ماشئت عن النعرات العصبيه والقبليه ، وقل كذلك ماشئت عن الانحسار الفكرى والثقافى، تبعا لعدم الاستقرار ، حتى لتكاد ان تكون حضرموت مصابه بالانفصاليه عن عالمها الاسلامى
قرار الهجرة:
قرارا الهجره على المستوى العادى في الاغلب الاعم لايخرج عن اسباب معروفه كالسعى لتحسين وضع مالى، اواجتماعى اوثقافى وماشابه ، واذا ما ارتفعنا إلى مستوى اخر وهو السعى إلى نفوذ سياسى ، استلزم ذلك ان يكون للساعى تمهيد وكفاح وانصار وسلاح. فتعالوا بنا لنستعرض نموذج هجرة الامام الرائد من العراق إلى حضرموت على هذه الخلفيات . فلوكان للامام رغبة للنفوذ السياسى على اغرائاته الجارفه ، فالعراق هو الطموح لامثاله والدوله العباسية في اوج ضعفها واذالم يكفى الأنصار في العراق شماله وجنوبه وغربه ففى مشرقه الزخم الكافى ، والثمن كليمات معدوده ….. وقد مر بنا استيلاء أخو الامام على بعض اقاليم العراق فمازال به حتى ترك ذلك رغبة في الاخره ، فلوكان مذهبه (حاشاه ذلك ) غير المذهب السنى لما تردد في استغلال النفوذ السياسى وتوظيفه للنفوذ العقدى ، ولما خفى ذلك عن معاصريه وهو الشخصيه البارزه من آل البيت النبوى . فاذا ليس امامنا بحاجه لذلك . وماذا عن المال ؟ وما ادراك ماالمال فتنة الدنيا كما هم الاولاد ورافدا للنفوذ …. وقد كان لدى امامنا منه الكثير بالعراق !!! ولايمكن مقارنة امكانيات العراق ومركزه التجارى بالقطر الحضرمى المجدب . واذا فحطام الدنيا كذلك ليس لامامنا حاجه به . وماذا عن المكانه الاجتماعيه ؟ تذكر المصادر التاريخيه ان الامام المهاجر كان عميدا للاسره العريضيه ، وابوه الامام عيسى بن محمد العريضى يلقب بالنقيب لانه كان نقيبا على الاشراف فاذا المكانه موجوده وحاصله وامكانات توظيفها في العراق مع المال لاهداف دنيويه أكبر بكثير من حضرموت . ومن هذا نخلص إلى ان الامام رضى الله عنه ضحى بكل المغريات ولم تاخذه في الله لومة لائم في سبيل دينه والدعوه إلى سنة جده عليه أفضل الصلاه وازكى التسليم .
فهجرته إلى الله ورسوله :
نحن الان في سنة 317 هـ ، وقد آن الاوان للامام ان يمضى ماقدره الله واراده ، فاجتمع باهله وقرابته وزهدهم في الدنيا وحظوظها الزائله ورغبهم في الاخرة ونعمها الاجله ، وشاورهم في النقله والانطلاق من اقليم العراق ، واشار عليهم بالارتحال فارتحل عنها وتبعه من بنى عمه اثنان احدهما : جد بنى الاهدل والثانى : السيد الجليل المشهور بالقديمى ، وتبعه من اولاده عبدالله وحفيده إسماعيل الملقب بصرى بن عبدالله ، وغيرهم من مواليه وحاشيته الذين يقدرون بنحو السبعين ، وترك بعض العائله بالبصره للابقاء على روابط القرابه وللاشراف والاداره على اموالهم الفخمه وجاههم العريض والهجرة من هذا الامام لم تكن بدعا فهى شىء معتاد عند أئمة الاسره النبويه بدأ من المصطفى صلى الله عليه واله حين هاجر من مكه إلى المدينه ، وتلاه اخرون من السلسله الطاهره نشروا الاسلام ومثله ومبادئه العليا. ومن هنا وعلى ماسبق ايضاحه من اضطراب الحاله بالعراق ، يمكننا ان نتفهم ان قرار الهجره يرتبط ارتباطا جذريا بحرص الامام على دينه وسنة جده المصطفى وشخصيته الاصلاحيه ، ومااتاه الله من بصيرة ثاقبه ،استشرفت ان الوضع في العراق سيؤل من سىء إلى اسوأ وهكذا كان . ثم انه وهو أحد الشخصيات البارزه لآل البيت النبوى ، لاشك انه تحت انظار السلطه و مستهدف منها ومحسوب عليه حركاته وسكناته ، وهذا المناخ بمجمله يحد من حركة المصلحين الزاهدين في الدنيا ، الداعيين إلى الله على بصيره ، ممن كتب الله لهم في سابق علمه ووفقهم ان يضعوا بصماتهم على التاريخ باحرف من نور ، نور الهدى المحمدى والسنه المطهره على صاحبها ازكى الصلاه وافضل والتسليم.
محطات الرحله المباركه:
طيبه الطيبه:
خرج الامام المهاجر من البصره عام 317 هـ وقصد طيبه الطيبه مثوى جده صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله ، يستحضر الذكرى والعبر ، ويربط الماضى بالحاضر فزار مآثرها واثارها ، ومكث بها سنه ، ولم يتمكن الحج في عامه ذاك لاضطراب الامن بسبب فتنة القرامطه الذين هاجموا الحجاج واستباجوا البلاد وقد اعتلى زعيمهم الكعبه ينشد والعياذ بالله : انا بالله وبالله انـــــــــــا ## يخلق الناس وافنيهم انا ويقرب ان يكون قد اتصل به بعض اليمانيين وبعض الحضارمه ايضا فدعوه إلى الاقامه بينهم لان مثل الامام المهاجر في مركزه وشهرته ووجاهته انما يكون مخطوبا ومطلوبا ، كما انه بدوره يبحث عن الموضع الذى يطيب له ويهدأ فيه ، ويتمكن له ان ينشر مباديه بين اهليه
مكه المكرمه: مكث المهاجر ومن معه بمكة المكرمة والاخبار المؤسفه عن فتنة القرامطه تصله ، حتى اذا هدأت الفتنه وامكنته الفرصه حج ومن معه عام 318 هـ
اليمن الميمون وخاتمة المطاف للرحله :
بعد ما انهى الامام حجه ارتحل بمن معه إلى اليمن يتنقل من بلاد إلى بلاد حتى وصل حضرموت في سنة 320 هـ ، وكان ذلك أول تاريخ المهاجر بحضرموت واول بلد وصل اليها المهاجر هى بلدة الجبيل التى حسن اهلها للسيد احمد المهاجر الهجره اليهم وهى في وادى دوعن وسكانها من اهل السنه اومن الشيعه المعتدله وكلهم اعداء الاباضيه الموجودين انذاك في اعلى حضرموت واسفلها ، واهل الجبيل من كندة والصدف ، والمعروف عنهم انهم سنيون . ولم تطل اقامة المهاجرعندهم بل تحول إلى الهجرين واقام بها سنوات وملك فيها عقارا ونخيلا ، ثم تركها ووهب ممتلكاته لبعض مواليه ، ووصل قارة بنى جشير واقام بها مده وهى قريه قريبه من بور ومر بها بنو خيثمه في اوائل القرن السابع حين جاؤا من جبل السراة ، ثم تحول إلى الحسيسه وبها اقام إلى ان توفى رحمه الله ، وكانت اقامته بحضرموت من سنة 320هـ إلى 345هـ.
عبدالله وعلى وآله وصحابته ومن والاه إلى يوم الدين .[/color]